طريقك إلى الذكاء العاطفي.. أين وكيف؟

طريقك إلى الذكاء العاطفي.. أين وكيف؟

لا يعني الذكاء الانفعالي التصرف الطريف فحسب، بل يعني الواقعية والانفتاح، والصراحة بخصوص مشاعرنا، وهذا يتطلب شجاعة لأنه كثيرا ما يكون من الأسهل أن نلف وندور حول المشاكل على أن نواجهها مباشرة، وجاء الذكاء الانفعالي ليؤكد أنه من الأفضل أن نكون واقعيين في تفاعلاتنا مع الآخرين.

 

 وفي حين أننا ينبغي علينا أن نكون حساسين تجاه مشاعر الناس، فإن تجاهل سلوكياتهم السلبية أو المدمرة ليس فضلا منا عليهم، لأننا إذا كنا نهتم بأحد اهتماما صادقا فلا بد أن نكون صرحاء معه حتى وإن لم نشعر بالراحة عندما نفعل هذا ولم نتلقَ التقدير عليه.. إن الأصدقاء الحقيقيين سوف يقدرون لنا في النهاية أننا كان لدينا الشجاعة والاهتمام الصادق بهم عندما كنا صرحاء معهم.

 

الذكاء الانفعالي لا يعني إطلاق العنان للانفعالات، أو عدم المسؤولية، بل يعني إدارة الانفعالات، بحيث يتم التعبير عنها بصورة لائقة وفعالة بما يمكن الناس من العمل معا بتناغم لتحقيق أهداف مشتركة.

 

على أن الجانب الأكثر إثارة وتبشيرا في الذكاء الانفعالي هو أننا نستطيع تغييره.. وبمعنى آخر فإن الذكاء الانفعالي يختلف عن معامل الذكاء العقلي من حيث إننا لسنا محصورين فيما ولدنا به من مواهب. والأخبار السارة من الذكاء الانفعالي هي أنه ليس ثابتا، ولا يقتصر تطوره أو تطويره على مراحل محددة في حياتنا، فقد ثبت أن خبرات الحياة يمكن توظيفها لزيادة الذكاء الانفعالي، وأننا نستطيع مواصلة تطوير قدراتنا فيه ونتوافق مع تقدمنا في العمر وعالم الذكاء الانفعالي عالم يثيبنا على نجاحنا في اجتياز مراحل الحياة.

 

الذكاء الانفعالي للقرن الحادي والعشرين

 

على الرغم من أن دراسة الذكاء الانفعالي لا تزال في طور المهد، إلا أن هناك دلائل على أن دراسة الانفعالات وكيفية تأثيرها على العالم ستتوسع في العديد من المجالات في غضون الأعوام القلائل التالية.

 

في الآونة الأخيرة طبقت إدارات الأطفال والجامعات والعائلات في المملكة المتحدة برنامج الجوانب الإيجابية والانفعالية للتعلم في المدارس العامة. ولم يقتصر الاهتمام بقيمة الذكاء الانفعالي على المدارس العامة، حيث أصبحت معاهد التعليم العالي تبحث عن أساليب تستطيع من خلالها إدراج الذكاء الانفعالي في مناهجها التعليمية المتقدمة.

 

ولم تقتصر بحوث ودراسات الذكاء الانفعالي على أمريكا الشمالية فحسب، بل تعدتها لتشمل العالم كله، ففي الآونة الأخيرة أجريت دراسات على قسم التوليد بمستشفى كبير بمدينة بولونيا في إيطاليا، فأوضحت زيادة كبيرة في الأداء ونجاحا في الحياة بين المهنيين ذوي المستوى المرتفع من الذكاء الانفعالي.

وقد وجد الذكاء الانفعالي طريقة إلى عالم الرياضة الاحترافية عالي التنافسية، حيث استخدم المنتخب الأول لكأس "ساوث هاملتون" لكرة القدم في بريطانيا الذكاء الانفعالي لتطوير المواهب لدي اللاعبين الناشئين.

 

واكتشفت دراسة أجريت على جامعة "تشانج تشينج" القومية في تايوان أن هناك علاقة بين الذكاء الانفعالي والنشاط البدني، واللياقة البدنية التي تحافظ على الصحة، واكتشفت الدراسة أن الطلبة ذوي المستويات المرتفعة من الذكاء الانفعالي أكثر لياقة أيضا.

 

وباختصار فقد أصبح الذكاء الانفعالي يحظى بتقدير كبير عبر العالم، سواء في مجال الأعمال أو الحياة أو قضاء وقت الفراغ، والمهارات التي يقدمها هذا الكتاب يمكنك تطبيقها على كل جوانب حياتك أيا كان عملك، أو حالتك العائلية أو موقعك، أو شخصيتك.

 

عن الوعي الانفعالي بالذات 

 

أوضحت البحوث الحديثة أن زيادة الذكاء الانفعالي تؤدي إلى زيادة الإنجاز والنجاح في الحياة، وهذه الرحلة تبدأ بداخل الإنسان وما لم نعمل في البداية على أنفسنا، فسوف نقصر في محاولاتنا تطبيق هذا العمل على بقية حياتنا، إن معرفة ما بداخلنا تساعدنا على النظر بواقعية إلى كيفية تعاملنا مع الآخرين ومع البيئة من حولنا. ولا بد لنا من أن نتحلى بدرجة معينة من فهم انفعالاتنا والقدرة على إدارتها قبل أن نستطيع أن نغير –وبكفاءة- أية جوانب أخرى في حياتنا. 

ويعتمد قدر العمل الذي لا بد من القيام به والجهد اللازم لأن نبذله لتغيير ما بداخلنا على الموضع الذي نبدأ منه، ولا شك أن البيئة التي نشأنا وتربينا فيها تحدد -وبدرجة كبيرة- كيفية رؤيتنا لأنفسنا وللعالم من حولنا، فمن نشؤوا في عائلات قاصرة بها مشاكل طوروا لديهم آليات توافق لا تخدمهم بصورة جيدة في العالم الأكبر، ويحتاجون لوقت أطول حتى يتوافقوا مع انفعالاتهم ويتعاملوا معها وبدرجة أكبر ممن نشؤوا في بيئة عائلية صحية.

 

قبل أن نستطيع فعل أي شيء بانفعالاتنا، ينبغي أولا أن نعرفها، إن بعض الانفعالات مثل الغضب أو الخوف، أكثر وضوحا من غيرها، خاصة إذا كان واعيا.. وانفعالا الشعور بالخزي والإحساس بالذنب مثلا، أحيانا ما نشعر بتشابه بينهما لدرجة يصعب علينا التمييز بينها.

 

وتعتمد قدرتنا على الوعي بانفعالاتنا أيضا على ما تعلمنا أن نفعله بهذه الانفعالات، فإذا كنا قد تربينا على اعتبار انفعالاتنا سيئة، فينبغي إخفاؤها طوال الوقت، فربما كتمناها بداخلنا لدرجة أصبح من الصعب علينا معها أن نتوصل إليها على الرغم من أن وصولنا إليها أمر لازم وضروري، في هذه الحالة لا تصدق قاعدة أن ما لا نعرفه يضرنا، فالانفعالات المكبوتة تؤلمنا وستظل تؤلمنا ما لم نخرجها إلى وعينا لنتعامل معها.

 

 

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية